الكويت لن تكون الولاية ( 51 ) لأميركا..!
كتب / حسن عطوان
📌 ( خور عبد الله ) عراقي بلا كلام ، بل هناك ما هو أبعد من الخور من أرض ومياه وحقول نفط ، كلها أرض عراقية استولت عليها الكويت بعد حماقة الطاغية الهدّام .
وهذا أمر وضوحه أبّين من الشمس في رابعة النهار ، ويعرفه القاصي قبل الداني .
📌 ولكن لابد من التمييز بين اتفاقية تنظيم الملاحة التي وقعتها الحكومة العراقية عام ( 2012 م ) ، وبين ترسيم الحدود وفق قرار مجلس الأمن المرقم ( 833 ) لسنة ( 1993 م ) .
📌 توضيح ذلك :
1. من تداعيات دخول الجيش الصدّامي الى الكويت صدرت عدة قرارات من مجلس الأمن تحت غطاء البند السابع ، الذي يعني إلزام العراق بالتنفيذ بالقوة .
ومن هذه القرارات : قرار مجلس الامن رقم ( 833 ) لسنة ( 1993 م ) ، وعلى ضوئه تم ترسيم الحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت ، وأصبح خور عبد الله مناصفة بينهما ، بعد أنْ كان بكامله عراقياً .
2. اعترف ( مجلس قيادة الثورة ) المنحل بهذا القرار في 10 / 11 / 1994 م ، وصادق المجلس الوطني على ذلك في اليوم نفسه .
ولكن الوفد العراقي انسحب من مفاوضات الترسيم وقتها ، وأدى غياب العراق عن هذه المفاوضات آنذاك الى ترسيم الحدود بغيابه ، فأخذت الكويت الجزء العميق من الخور ، وبقي الجزء الضحل للعراق .
3. وترتب على ذلك أنَّ السفن المتجهة الى ميناء أم قصر لا يمكنها أنْ تبحر كما هو واضح إلّا في الجزء العميق والذي هو في الجانب الكويتي ، ممّا يوجب عليها – عراقية كانت أو غيرها ، وفقاً للقوانين الدولية – رفع العلم الكويتي ، ويحق للكويت تفتيشها ، وأخذ الرسوم على مرورها .
هذا كله قد ثبت للكويت بقرار مجلس الأمن وموافقة صدام عليه ، وهو من جملة ما ترتب على حماقته .
📌 أمّا ما حصل بإتفاقية تنظيم الملاحة لسنة ( 2012 م ) :
1. فقد وقع الوفد العراقي – برئاسة هادي العامري وزير النقل آنذاك – اتفاقاً مع الوفد الكويتي أعفى العراق من الأمور التي ذكرتها أعلاه في الفقرة ( 3 ) .
فالإتفاقية المذكورة في حقيقتها قد خففت من آثار وغلواء ما ترتب على قرار مجلس الأمن ، والذي وافق عليه صدام .
نعم ، استلزمت الموافقة عليها من قبل الجانب العراقي ضمناً موافقة العراق الحالي على النتائج المترتبة على قرار مجلس الأمن الظالم بحق العراق .
2. بعد تصويت مجلس النواب على اتفاقية تنظيم الملاحة ، تمّ رفع دعوى من قبل بعض النواب أمام المحكمة الاتحادية ، مفادها : أنَّ النصاب لم يكن متحققاً عند التصويت عليها ، فأصدرت المحكمة قراراً بقبول الدعوى ، وإلغاء نتيجة التصويت بالموافقة .
3. ولابد هنا من الإشارة الى أنَّ المحكمة لا تملك صلاحية نقض اتفاقية دولية ، ولكن لأنَّ الدستور العراقي قد أفاد أنَّ الإتفاقيات الدولية لا تعتبر سارية إلّا بعد مصادقة مجلس النواب عليها ، وحيث أنَّ النصاب في مجلس النواب لم يتحقق عند التصويت على هذه الإتفاقية فتعتبر غير نافذة ، ويفترض أنْ تعود الى مجلس النواب ، فإنْ صوّت عليها مرة أخرى بنصاب مكتمل فتنفذ ، وإلّا فلا .
📌 وعليه فالإجحاف بحق العراق لم يكن بسبب إتفاقية تنظيم الملاحة ، إنّما هو بسبب قرار مجلس الأمن ، فالواجب أنْ يكون تحرك العراق منصبّاً على تعديل قرار مجلس الأمن ، بالطرق والآليات المناسبة ، ولو بالإتفاق مع الكويت للتغاضي عن تنفيذه ، هذا من جهة .
📌 ومن جهة أخرى على الكويت – حكومة وشعباً – أنْ تدرك أنّه ليس من مصلحتها التجاوز على العراق واستعدائه ، فقد لا يستطيع العراق الحالي استرداد حقه ؛ لظروف ومبررات شتّى ، ولكن لابد من أنْ يأتي يوم ينهض فيه العراقيون لإسترداد حقوقهم وأرضهم ومياههم ، ولعل الثمن يكون قاسياً حينها على الكويت والكويتيين .
لا سيّما وأنَّ الكويت ليست محتاجة لميناء أو واجهة على الخليج ، فموانئها زائدة عن حاجتها ، بخلاف العراق الذي سيُخنَق إذا بقي الوضع على حاله .
📌 ولو كان قرار الكويت بيدي لما ارتضيت التجاوز على شبرٍ للعراق حق فيه ، لأنَّ قدر العراق أنّه يقع الى شمال الكويت ، ولن يرحل من هنا ، وقدر الكويت أنّها تقع الى جنوب العراق ، ولا يمكنها أنْ ترحل في يوم ما لتكون الولاية ( 51 ) لأميركا ، فتحتمي بها .
والضغائن حينما تبقى حبيسة الصدور في زمنٍ ما ولظرفٍ ما ، فإنّها بمجرد أنْ تجد فرصة ستكون بركاناً يحرق الأخضر واليابس !
وإلّا فهل من عاقل يتصور أنّه يستطيع أنْ ( يهضم ) حقّاً للعراق الى الأبد ؟!
اسأل الله سبحانه أنْ يكون القرار بأيدي العقلاء في كلا البلدين ، وأنْ يجنب شعبيهما ما يُحاك لهما من الشرّ ، إنّه نعم المولى ونعم النصير .