الاعلام العراقي والبحوث النفسية
كتب/ سمير الحسني ..
أجرت جامعة ويست ساسيكس بالمملكة المتحدة تجربة، طلبت خلالها من 30 شخصاً تصنيف عدد متنوع من التقارير الإخبارية التلفزيونية وفق السمات العاطفية، ما إذا كان الخبر سلبياً أم إيجابياً، مبهجاً أم مزعجاً، يبعث على الهدوء أم الإثارة، ثم عرضت عليهم طائفة من الأنباء المصورة.
وقبل مشاهدة تلك الأنباء وبعدها، طُلب من المشاركين الإجابة على أسئلة حول أكبر مصادر القلق في حياتهم، ثم جرت معهم مقابلة في النهاية لمناقشة أحد الأمور التي تثير مخاوفهم.
كما كان متوقعاً، المشاركون الذين شاهدوا التقارير السلبية كانوا أكثر توتراً بعد مشاهدتها – بل وكانوا أكثر ميلاً للتفكير التهويلي عند مناقشة مشكلاتهم الشخصية، مقارنة بهؤلاء الذين شاهدوا تقارير محايدة أو إيجابية.
وتؤكد الدراسة أن استهلاك الأخبار له تأثير يستمر لفترة طويلة على مزاجنا، ومن ثم، قد يضعنا في مسار تخيم عليه الأفكار السوداوية.
ما نشاهده من نباح وشتائم وسباب وتهديد ووعيد وقلة ذوق وإستهتار بمشاعر المشاهد والعائلة العراقية من على شاشات محطات التلفاز العراقية ينعكس حتماً كما أشارت الدراسة على نفسية المشاهد العراقي بشكل سلبي ونلاحظ إنعكاساتها من خلال التعليقات التي يكتبها المعلقون على ما حصل في حلقات نقاشية في برامج تلفزيونية عراقية حيث يستعملون نفس الاسلوب بالسب والشتم والتهديد بل أكثر من ذلك بالطعن بالشرف والعرض.
من المفروض أن تقوم وسائل الاعلام بدور إيجابي ونافع للمجتمع في كافة مجالات الحياة ويساهم برفع مستوى الوعي لدى المشاهد ويبث في روحه الطمأنينة والهدوء والمحبة وفعل الخير وإحترام التنوع الاجتماعي والاختلاف السياسي.
لكن ما نراه وللأسف عكس ذلك تماماً فهم يتسابقون ويتنافسون لبث الفرقة والعداوة والبغضاء والشحن السلبي ضد المقابل بل ويعتبرونها شطارة ونجاح لبرامجهم وفي المقابل ينجر الضيوف إلى تلك المهاترات والمشاحنات وترتفع الاصوات ثم المعارك اللفظية بل وتتحول أحياناً إلى الاشتباك بالايادي.
يجب وضع حد لمثل هذا الانحدار الاعلامي، لاحظنا في الفترة الاخيرة زيادة في قرارات هيئة الاعلام والاتصالات العراقية بمنع ظهور البعض على شاشات التلفاز ووقف بعض البرامج لمدد محددة وهذا جيد ولكن ليس كافياً فالمشكلة أكبر بكثير.