السفراء والسفهاء.
السفراء والسفهاء.
كتب / د. الياس خضر
في مشهد جديد من مشاهد العبث السياسي، مرّرت الطبقة السياسية بالأمس قائمة سفراء لا تمتُّ إلى الكفاءة ولا إلى مصلحة الدولة بأي صلة، وكأنّ السفارات قد تحولت إلى مكافآت نهاية خدمة، أو غنائم حرب حزبية، تُوزّع على الأقارب والموالين، والسفهاء من المتسلقين، لا على أساس المصلحة الوطنية أو التمثيل المشرف للعراق في الخارج.
أي رسالة يريد هؤلاء أن يبعثوها للعالم؟ هل أصبحت سفاراتنا مجرد مقرات للفساد المُصدّر؟ هل يعقل أن يُمثّل العراق في عواصم القرار الدولي من لا يُجيد الحديث باسم نفسه، فكيف يتحدث باسم شعب بأكمله؟!
الطبقة السياسية الحالية، المحترقة أمام جمهورها والمرجعية، تصرّ على الاستهتار بما تبقّى من هيبة الدولة. لا رأي الشعب يردعها، ولا صوت المرجعية يؤثر بها. تستمر في التقوقع داخل مصالحها الشخصية، تُعيد تدوير الفشل وتلميع الوجوه الملوّثة، متجاهلةً حجم السخط الشعبي المتصاعد.
قائمة السفراء الأخيرة كشفت زيف الشعارات، وسقوط الادعاءات بالإصلاح. فهي تمثل خلاصة التحاصص، وذروة الفساد المؤسسي، وواحدة من أكبر الصفعات التي تُوجّه للمواطن البسيط الذي ما زال يصدّق أن هناك أملاً في التغيير.
لقد قلنا مرارًا: لا تسلّموا المناصب للسفهاء، لكنهم أصرّوا على فعل ذلك، بل جعلوه نهجًا. والنتيجة؟ دولة تنهار، وسمعة تتهاوى، وشعب لم يعد يثق بأحد.
السفراء مرّوا، نعم، لكنهم قد يسقطون من حيث لا يعلمون. لأن الشعوب، وإن صمتت طويلاً، لا تنسى من أهدر كرامتها، ولا تغفر لمن خان ثقتها.