السباق إلى البرلمان… بين النزاهة والمال والنفوذ
كتب / محمد خضير الانباري
تتسارعَ الأحداث، وتمضي الأيامُ بسرعةِ معَ اقترابِ موعدِ الانتخاباتِ البرلمانيةِ العراقيةِ المقررةِ في الحادي عشرَ منْ هذا الشهر، حيثُ اشتدتْ حمى الدعايةِ الانتخابيةِ بينَ المرشحينَ الساعينَ للوصولِ إلى قبةِ البرلمانِ ضمنَ المقاعدِ الْ (329) المخصصةِ لأعضاءِ مجلسِ النوابِ العراقيِ. تباينتْ أساليب المرشحينَ في سعيهمْ نحوَ الفوز؛ فبعضهمْ لا يملكُ سوى سمعتهِ الطيبة، وشهادتهُ العلمية، وجهودهُ المجتمعيةُ أوْ الوظيفية، بينما يعتمدُ آخرونَ على المالِ والنفوذِ والعشيرةِ والحزب. شتانَ بين الفريقين: فالأولُ يتحلى بالكبرياءِ والنزاهةِ والشرف، في حينِ يلجأُ بعضٌ منْ الفريقِ الثاني – وليسَ جميعهمْ – إلى شراءِ الذمم، والتهريج، وتقسيطَ المنافسين. وهنا يقفُ القضاءُ بينهما، لينصف كلٌ ذي حقٍ عندَ وقوعِ الخصومة. في تعليقٍ لافتٍ لأحدِ الصحفيينَ العراقيينَ المخضرمينَ على صفحته، أشارَ إلى تجربةِ المرشحِ الديمقراطيِ الأمريكيِ ذي الأصولِ الهنديةِ (زهرانْ محمداني ) ، في الفوزِ في انتخاباتِ بلديةِ نيويورك – إحدى أكبرِ مدنِ العالمِ – دونَ اللجوءِ إلى شراءِ الأصواتِ أوْ استمالةِ شيوخِ العشائر، أوْ استغلالِ مواردِ الدولة، أوْ ملءِ الشوارعِ بالملصقاتِ الإعلانية. فقدٌ اعتمدَ على الشبابِ والطلاب، وعلى برنامجهِ الانتخابيِ الذي تضمنَ إسقاطُ ديونِ الطلبة، وضمانَ حريةِ المواطن، ورفعَ الضرائبِ على الأغنياء. أما منافسوه، ومعظمهمْ منْ أنصارِ المليونيرِ ترامب، فقدْ أنفقوا بسخاءِ على الإعلامِ والدعاية، ومعَ ذلكَ خسروا الانتخابات. ويبدو أنَ وعيَ الناخبينَ – لا سيما منْ المهاجرينَ الأفارقةِ والآسيويينَ والمسلمين، الذينَ يشكلونَ جزءا كبيرا منْ سكانِ المدينةِ – كانَ لهُ الدورُ الأكبرُ في الفوز.
وهنا تبرزُ جملةً منْ التساؤلات: هلْ يمكنُ لمرشحٍ عراقيٍ أنْ يحققَ الفوزُ في الانتخاباتِ القادمةِ اعتمادا على هذا الأسلوبِ ولهذهِ التجربةِ أنْ تنجح؟ هلْ يستطيعُ مرشح عراقيٍ أنْ يفوزَ منْ دونِ صورٍ دعائية، أوْ أموالٍ طائلة، أوْ دعمٍ عشائريٍ أوْ حزبي، أوْ وعودٍ زائفةٍ بالتعيينِ أوْ استغلالٍ لمواردِ الدولة؟
الجواب: ربما يكونُ ذلكَ ممكنا … لكنهُ يتطلبُ وعيا شعبيا صادقا، وإرادةٌ تضيعُ النزاهةُ فوقَ المصلحةِ الشخصية. فالمسؤوليةُ لا تقعُ على المرشحِ وحده، بلْ على الناخبِ أيضا