إقليم النفط وأزمة المياه: درس للبصرة
كتب / علي جاسم ياسين
الدعوات الحالية التي تطالب بتحويل البصرة إلى إقليم منفرد ليست جديدة. فقبل أكثر من قرن، حاولت بريطانيا أثناء احتلالها للعراق أن تجعل البصرة كيانا منفصلا عن الدولة العراقية. واليوم، بعد الاحتلال الأمريكي، تعود نفس الفكرة لتطرح من جديد على أساس النفط فقط. هذا التفكير خطير لأنه يغفل حقيقة مهمة: البصرة تملك النفط لكنها لا تملك الماء. شط العرب، الشريان الحيوي للجنوب، ينبع من مياه تمر عبر محافظات أخرى قبل أن تصل إليها.
إذا حاولت البصرة تأسيس إقليم بناءً على ثروتها النفطية فقط، فستخلق سابقة سياسية خطيرة. المحافظات الأخرى، التي تمر عبر أراضيها مياه شط العرب، يمكن أن تقول بدورها: طالما الموارد تمر في أراضينا، فهي لنا، ولا يمكن لأي منطقة أن تتحكم بها منفردة. هنا تكمن الأزمة: النفط وحده لا يضمن السيطرة، والمياه المشتركة تحتاج إلى إدارة عادلة لجميع الأطراف.
إدارة الموارد في العراق يجب أن تكون شاملة وتخدم الجميع، لا أن تتحوّل إلى أداة لإثارة الانقسامات الإقليمية. إذا استمرت الدعوات الإقليمية على أساس النفط فقط، فإن البصرة نفسها ستعاني لاحقا من أزمات أكبر في المياه والطاقة والخدمات.
الحل الحقيقي ليس في الأسماء أو المصطلحات، بل في تنظيم وإدارة عادلة لكل الموارد المشتركة، سواء النفط في الجنوب أو المياه في المحافظات الأخرى. الإدارة المشتركة والتخطيط الواقعي هما الطريق الوحيد لضمان التنمية واستقرار العراق كله.