هل أعادت امريكا احياء المعارضة السورية المسلحة انطلاقا من حلب.. ولماذا الآن؟
كتب / الدكتور خيام الزعبي
إن ما يحدث في سورية يشكل صورة واضحة للعبة دولية بكل تفاصيلها، هذه اللعبة تعمل بصمت رهيب عبر وكلائها على تغيير وضع سورية وتمزيقها، تلعبها أمريكا وحلفاؤها لتحقيق مصالحها وأطماعها التي لا تعرف حدود، فقط تعرف إنجاز مهمتها وتحقيق مآربها وإستراتيجياتها عن طريق أدواتها التي تملأ سورية اليوم من كل الأنواع والأشكال، على الأخص هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل عسكرية معارضة وأخرى في غرفة عمليات “الفتح المبين”.
لا زالت حلب تدفع ثمناً كبيراً وهي تواجه التنظيمات الإرهابية بكافة أصنافها، وما التطور الأخير في حلب إلا جزء من فصول سابقة، عملت عليها الإستخبارات الأمريكية والإسرائيلية وبدعم عربي وإشراف غربي منذ عدة سنوات إذ قامت على تغذية المجموعات التكفيرية وأخواتها، وذلك لتنفيذ أجنداتها في تدمير حلب التي خاضت معارك شرسة دفاعاً عن كيانها وشعبها، ودفعت أثماناً باهظة، لكنها خرجت في كل مرة أكثر ثباتاً وأصلب عوداً، ولا يمر يوم إلا ونحن نشاهد بالصورة عمليات نوعية ينفذها ابطال الجيش وحلفاؤه في أكثر من جبهة وإنهيارات ونكسات تطال مواقع الجماعات المسلحة.
إن فشل نتنياهو في غزة، وامتداد فشله إلى لبنان، بعدما خسرت اسرائيل في الوصول نحو أهدافها في المنطقة، تحاول “إسرائيل” توسيع دائرة الحرب التي ما زالت ضد وحدة واستقرار سورية من خلال الدعم غير المحدود للتنظيمات المسلحة وحلفاؤها من القوى المتطرفة، من أجل خدمة مصالح وحسابات واشنطن وتل أبيب في سورية والمنطقة بأكملها.
حيث شددت إسرائيل من عملياتها العسكرية في سورية وتجاوزت جميع الخطوط الحمر هناك، فقد استهدفت المطارات المدنية كما قامت باستهداف مباني سكنية في دمشق وريفها وأزهقت عشرات الأرواح من المدنيين.
فالتآمر على حلب وصل ذروته في ظل تطورات الأزمة الحالية، إذ أخذ الإرهاب الحاقد يكثف قذائفه الإجرامية على معظم مناطقها مستهدفاً الأحياء السكنية بشكل هستيري منها قبتان الجبل وحور وجبل الشيخ عقيل وبسرطون وبالا ونقاط المداجن وتلة الدبابات” شرق مدينة دارة عزة غرب حلب مخلفاً أعداداً كبيرة من الشهداء والجرحى بعد أن فشل في تحقيق أهدافه طوال 13 سنة الماضية، فالهدف الغربي واضح وينفذ بأيدي عربية وإسلامية مشبوه وأيضاً بأيدي جهاديين مضللين لخلق الفتن والمؤامرات لإضعاف سورية، نظراً لأهميتها كلاعب إقليمي إنطلاقاً من حجمها الاستراتيجي والعسكري.
في هذا الإطار إن من أهم الأسباب التي جعلت المجموعات المسلحة من تكثيف هجومها على حلب ومؤسساتها الحكومية هو فشلها وعجزها في الميدان العسكري وما تراه من أضرار قد تلحق بها بسبب استمرار فتح الأبواب أمام تسويات مختلفة مع هذه المجموعات للتخلي عن أسلحتها والانضمام الى الجيش العربي السوري، وما يعيشه أعداء سورية من خيبة أمل وفشل في ظل الانتصارات التي تحققها المقاومة التي على إثرها أصبحت تحركات هذه المجموعات تقتصر على نشر الفوضى ومحاولة إرباك الوضع في المناطق المحررة، والأهم منن كل ذلك استغلال الظرف الإقليمي والدولي المتمثل في تصاعد التوترات في المنطقة، بما في ذلك الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي طالت غزة والجنوب اللبناني.
فشراسة المعركة الجارية حالياً في حلب، وارتباك كل من تركيا وإسرائيل وأمريكا وأدواتهم تشير إلى أن الحرب اقتربت من جولتها الأخيرة، ومن المؤكد أننا أمام مرحلة تحمل الكثير من الانعطافات الاستراتيجية السياسية على ساحة حلب، والسؤال الشائع الذي يتردد في العديد من الدوائر داخل سورية وخارجها، ولا يغيب عن مخيلة أحد من أبناء هذا الوطن: إلى أين تتجه الأمور في حلب ؟
مجملاً… هناك رسائل أرسلها الجيش السوري في حلب الى أعدائه مفادها إن الشعب السوري على موعد مع إنطلاق عمليات تحرير كبرى مقبلة في ادلب، فالضرب من حديد قادم لا محال، وسيسحق كل المتآمرين بغض النظر عن من يقف وراءهم وسيلاقون مصيرهم المحتوم.
بإختصار شديد، اليوم يجدد السوريون إصرارهم على استكمال معارك التحرير، وتخليص سورية من إرهاب القاعدة وتنظيماتها المختلفة، لذلك فالساعات القليلة القادمة من شأنها أن تحمل المزيد من المفاجآت والتطورات، فجميع المعطيات تشير الى صمود الجيش السوري واتجاهه نحو الحسم النهائي للمعركة بعد أن أثبت صلابته وتماسكه وتمتعه بقدرات قتالية إستثنائية في الميدان العسكري.