العراق على شفى كارثة بيئية.. الجفاف والتصحر يهددان مستقبل البلاد

المعلومة/تقرير ..

يواجه العراق اليوم تحدياً بيئياً متزايد الخطورة يتمثل في أزمة الجفاف والتصحر التي باتت تهدد الأمن الغذائي والبيئي والاقتصادي للبلاد. 

هذا التحدي نجم عن عوامل طبيعية مرتبطة بتغير المناخ، إضافة إلى عوامل بشرية أبرزها سياسة تركيا المائية تجاه نهري دجلة والفرات. 

ويترتب على هذه الأزمة تدهور كبير في الأراضي الزراعية، انخفاض في إنتاج المحاصيل، وتراجع حاد في مناسيب المياه، ما يضع العراق أمام مخاطر حقيقية على استقراره الاجتماعي والاقتصادي.

واقع الأزمة البيئية في العراق

تشهد الأراضي العراقية تدهوراً مستمراً جراء الجفاف والتصحر، حيث انخفضت مستويات المياه في نهري دجلة والفرات، وهما المصدر الأساسي للمياه في البلاد، إضافة إلى شح الأمطار الذي يؤثر سلباً على الزراعة. 

هذه الظروف أدت إلى تقلص المساحات الزراعية المزروعة من 40 مليون دونم في الماضي إلى أقل من مليون ونصف دونم حالياً، حسب تصريحات الخبير المائي تحسين الموسوي.

وتسببت هذه الأزمة في خسائر كبيرة في التنوع البيولوجي، حيث وصلت العديد من المناطق إلى مرحلة فقدان التنوع الاحيائي بشكل كامل، وهو ما يعكس خطورة الموقف البيئي.

دور السياسة التركية في تفاقم الأزمة

على الرغم من العلاقات الاقتصادية المتنامية بين العراق وتركيا، والتي بلغت قيمتها أكثر من 13 مليار دولار سنوياً، لا تزال تركيا ترفض الالتزام بحصتها المائية المقررة دولياً والتي تضمن للعراق تدفق المياه الكافية من نهري دجلة والفرات.

وأكدت النائب ابتسام الهلالي، عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار في مجلس النواب، أن تركيا تستخدم ملف المياه كورقة ضغط سياسي، مستغلة ضعف التفاهمات الدولية حول إدارة الموارد المائية المشتركة.

وقالت الهلالي في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن "أزمة الجفاف والتصحر التي تعاني منها الأراضي الزراعية في البلاد تعود إلى عاملين رئيسيين؛ أولهما شح الأمطار، والثاني، والأخطر، هو عدم التزام الجانب التركي بتزويد العراق بحصته المائية المقرّة دولياً".

وأضافت أن "تركيا مستمرة في استغلال ملف المياه لأغراض سياسية، ما يشكّل تهديداً مباشراً للأمن المائي والغذائي العراقي"، مشيرة إلى أن "اللجنة النيابية طالبت الحكومة بمقابلة الضغوط التركية بتحرك اقتصادي، خاصة في ظل التبادل التجاري السنوي بين البلدين الذي يتجاوز 13 مليار دولار، فضلاً عن المشاريع التي تنفذها الشركات التركية داخل العراق".

وأشارت الهلالي إلى أن "الرئيس التركي سبق أن عيّن وزير الغابات والمياه السابق، فيسيل إيروغلو، ممثلاً شخصياً لدى الحكومة العراقية، بصلاحيات واسعة قد تفوق صلاحيات السفير التركي في بغداد، ما يعكس جدية أنقرة في إدارة هذا الملف الحساس سياسياً".

آثار الجفاف والتصحر على الاقتصاد والمجتمع

يؤثر الجفاف والتصحر بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي، ما يهدد الأمن الغذائي لملايين العراقيين. 

وفي الوقت ذاته، يعاني العراق من نقص في تطوير الأساليب الحديثة للري والزراعة، مما يزيد من هدر المياه وتدهور الأراضي الزراعية.

 

الدعوات إلى تحرك سياسي ودولي

في ظل هذه الأزمة المتفاقمة، أرسلت لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية مقترحات إلى رئاسة مجلس النواب للضغط على تركيا من أجل الالتزام بحصص المياه المائية المقررة دولياً، والعمل على إيجاد حلول سياسية ودولية فاعلة.

وأكد عضو اللجنة رفيق الصالحي لـ/المعلومة/، أن "هناك حاجة ملحة لتحركات سياسية وجدية لمواجهة الاستغلال السياسي لملف المياه، وإعادة النظر في الخطط الزراعية والمائية وفق واقع التغير المناخي".

التحديات المستقبلية

يشير الخبير تحسين الموسوي إلى أن العراق لا يستعد بشكل كافٍ لمواجهة "حرب المياه" العالمية التي تلوح في الأفق بسبب الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة.

 ويؤكد لـ/المعلومة/، أن "الخطط الزراعية المطبقة حالياً في العراق تعود إلى أكثر من 70 عاماً، ما يجعلها غير مناسبة لمواجهة التحديات الجديدة".

ويحذر من أن استمرار الوضع الراهن سيؤدي إلى تراجع أكبر في الأراضي الزراعية والمياه، مما قد يفاقم أزمة النزوح الداخلي واللجوء الخارجي للسكان المتضررين.

وتعتبر أزمة الجفاف والتصحر في العراق نتيجة لمجموعة من العوامل المتشابكة، أبرزها التغير المناخي والسياسات المائية غير العادلة من قبل تركيا.انتهى/25م