
نفط العراق للبيع.. مسؤولون يفتحون الأبواب والكويت تحفر بلا رادع
المعلومة / تقرير ..
تصاعدت في الأوساط السياسية العراقية موجة من الغضب والقلق بعد تصريحات أطلقها رئيس كتلة الاقتصاد النيابية ياسر الحسيني، كشف فيها عن وجود ما وصفه بالفساد المنظم" داخل وزارة النفط، متهماً جهات متنفذة بتلقي رشى مالية من الجانب الكويتي مقابل عرقلة مشاريع التنقيب عن النفط في المناطق الحدودية مع الكويت، ما يتيح للأخيرة استغلال الحقول النفطية المشتركة دون رادع حكومي.
وقال الحسيني في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن "هذه الأموال تدفع من قبل الجانب الكويتي لمسؤولين عراقيين بهدف تسهيل استكمال الكويت حفر آبار نفطية في النقطة (صفر) على خط الحدود بين البلدين، ما يسمح لها بسحب النفط العراقي دون وجود ردع حكومي".
وأشار إلى أن "هذه الممارسات تمثل حنثًا باليمين الدستوري وخيانة للأمانة من قبل الحكومة العراقية التي تقاعست عن أداء واجبها في منع التجاوزات والانتهاكات من قبل الجانب الكويتي، فضلاً عن فشلها في مراقبة المسؤولين المتورطين في تلقي رشى".
ودعا الحسيني الجهات الرقابية والقضائية إلى “فتح تحقيق عاجل في هذه الاتهامات ومحاسبة جميع الأطراف المتورطة في ما وصفه بالفساد المنظم الذي يضر بالثروات الوطنية والسيادة العراقية.
وبحسب مصادر برلمانية فإن هذه القضية تعود إلى سنوات ماضية، لكن حساسية الملف وغياب الوثائق الرسمية حال دون فتحه علنًا في البرلمان.
الاتهامات الجديدة تسلط الضوء على خلل بنيوي في تعامل الحكومة العراقية مع ملف الحقول المشتركة، خاصة في ظل غياب اتفاقيات شفافة تنظم عمليات التنقيب والإنتاج في المناطق الحدودية بين العراق والكويت.
ويؤكد مراقبون أن استمرار صمت الحكومة أمام تجاوزات كهذه يفتح الباب أمام مزيد من التلاعب بمقدرات البلاد وثرواته، وسط شكوك شعبية بوجود شبكة متكاملة من المصالح والضغوط السياسية التي تمنع الكشف عن المسؤولين الحقيقيين.
وتشير التقارير الفنية إلى أن النقطة صفر الواقعة على الحدود بين العراق والكويت تضم خزانا نفطيا مشتركا يعرف بإنتاجيته العالية، وقد بدأت الكويت منذ سنوات عمليات تطوير آبار في تلك المنطقة وهو ما يثير مخاوف عراقية من أن يؤدي الضخ الكويتي إلى سحب النفط من الجانب العراقي بسبب الطبيعة الجيولوجية للخزان.
ويذكر أن العراق لم يشرع بعد بعمليات تنقيب جدية في الجهة المقابلة، رغم وجود خطط معلنة من قبل وزارة النفط، وهو ما يعزوه بعض البرلمانيين إلى التأثير المباشر للفاسدين المتورطين في إيقاف هذه المشاريع.
ويرى الحسيني أن الحكومة العراقية لا تقوم بدورها الدستوري في حماية الثروات الوطنية، بل وفرت غطاءً سياسياً وإدارياً لتجاوزات واضحة من قبل الجانب الكويتي.
ويضيف أن تجاهل عمليات الرشى والتغاضي عن تقارير الأجهزة الرقابية يرقى إلى مستوى التواطؤ العلني، ويتطلب تحركاً عاجلاً من السلطات القضائية ومجلس النواب.
كما يؤكد أن فشل الحكومة في مراقبة أداء مسؤوليها داخل وزارة النفط يعكس ضعفا في إدارة واحدة من أهم المؤسسات السيادية في البلاد، مطالباً بفتح ملفات العقود النفطية الحدودية وإخضاعها لتدقيق شامل.
ومع تصاعد هذه الاتهامات، تزايدت الدعوات النيابية لفتح تحقيق فوري وشفاف في القضية وكشف أسماء المسؤولين المتورطين، سواء ممن يتلقون الرشى أو من يوفرون لهم الغطاء السياسي داخل الوزارة.
وطالب الحسيني بإشراك هيئة النزاهة ومجلس القضاء الأعلى في التحقيق لضمان استقلاليته وفعاليته.
ويؤكد مختصون في الشأن النفطي أن التستر على هذا النوع من الملفات لا يهدد فقط الاقتصاد العراقي، بل يضعف موقف البلاد في أية مفاوضات مستقبلية بشأن الحقول المشتركة، ويشجع أطرافاً أخرى على تكرار التجاوزات في مناطق حدودية أخرى.
يعد ملف الحقول المشتركة بين العراق والكويت أحد أبرز الملفات الشائكة منذ ترسيم الحدود بعد عام 1991 بقرار من الأمم المتحدة وعلى الرغم من المحاولات المتكررة للتوصل إلى تفاهمات ثنائية، إلا أن غياب آليات مراقبة واضحة واتهامات بالضخ الجانبي من الجانب الكويتي جعلت هذا الملف دائم الاشتعال في الأوساط السياسية العراقية.
وتأتي هذه التطورات لتكشف مرة أخرى عن هشاشة النظام الرقابي داخل مؤسسات الدولة العراقية، وتسلط الضوء على حجم التحديات التي تواجهها البلاد في حماية مواردها الطبيعية من الفساد الداخلي والتجاوزات الخارجية على حد سواء وما لم تتحرك الحكومة والسلطات القضائية بسرعة وجدية، فإن الثقة الشعبية بالدولة ومؤسساتها ستتعرض لضربة جديدة في ملف يتصل مباشرة بثروة العراق ومستقبله الاقتصادي.انتهى 25/س