دراسة: الأطعمة المصنعة تغير بنية الدماغ وتدفع إلى الإدمان

المعلومة/ متابعة..
في نتائج صادمة قد تعيد النظر في علاقتنا بالطعام، كشفت دراسة علمية حديثة أن الأطعمة فائقة المعالجة لا تقتصر آثارها على التسبب بالسمنة وأمراض القلب والخرف، بل تؤدي أيضًا إلى تغييرات في بنية الدماغ، تُسهِم في خلق حالة من الإدمان الغذائي يصعب الفكاك منها.
وأوضحت الدراسة، التي أُجريت على أكثر من 33 ألف مشارك ضمن مشروع البنك الحيوي البريطاني، أن الاستهلاك المنتظم لهذه الأطعمة – والتي تشمل الوجبات الجاهزة والمقرمشات والمشروبات الغازية والحلويات المصنعة – يؤدي إلى تغييرات ملموسة في مناطق الدماغ المسؤولة عن تنظيم الجوع والمكافأة.
وبحسب البروفيسور أرسين كانياميبوا، خبير علوم الدماغ في جامعة هلسنكي وأحد المشاركين في الدراسة، فإن "المكونات الصناعية في هذه الأطعمة، مثل المستحلبات والمواد الحافظة، لا تؤثر فقط على الجسم بل تخترق آليات الدماغ، وتؤدي إلى تعطيل مراكز الشبع وتحفيز دوائر المكافأة بشكل مفرط، مما يجعل الأفراد يتناولون الطعام رغم شعورهم بالشبع".
وأظهرت فحوصات التصوير الدماغي المتقدمة أن تناول كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بحدوث التهاب في منطقة "الوطاء"، وهي المنطقة المسؤولة عن تنظيم الجوع والشبع. كما لوحظ انكماش في مناطق الدماغ المرتبطة بالمكافأة والتحفيز، مما يؤدي إلى ضعف التحكم الذاتي وظهور عادات غذائية قهرية لدى بعض الأشخاص.
وأكد الباحثون أن هذه التغييرات تؤسس لـ"حلقة مفرغة"، حيث يدفع التأثير الدماغي للأطعمة المصنعة الأفراد لتناول كميات أكبر، مما يعزز من الأثر نفسه ويصعب مهمة التوقف عن استهلاكها.
وتدعم هذه النتائج دراسة سابقة نُشرت هذا العام، وجدت أن تناول 100 غرام فقط إضافية يوميًا من هذه الأطعمة – أي ما يعادل كيسين صغيرين من رقائق البطاطس – يرفع خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 5.9%، كما يزيد احتمالية الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 14.5%.
وأمام هذه المعطيات، يدعو الخبراء إلى إعادة تقييم شاملة للأنظمة الغذائية المعاصرة، خاصة مع الانتشار الواسع للأطعمة المصنعة في الأسواق والاستهلاك اليومي المتزايد لها.
ويؤكد الباحثون أن مواجهة هذا التحدي لا تتطلب فقط تغيير العادات الغذائية، بل أيضًا تدخلات على مستوى السياسات العامة والصناعة الغذائية، من خلال تنظيم مكونات المنتجات وتوعية المستهلكين بالمخاطر غير المرئية.
هذه الدراسة تفتح باباً جديداً في فهم العلاقة المعقدة بين الغذاء وصحة الدماغ، وتكشف عن أن الإدمان على الأطعمة المصنعة ليس مجرد ضعف إرادة، بل نتيجة لتأثيرات بيولوجية عميقة قد تتطلب استراتيجيات علاجية شاملة. انتهى 25