سوريا بين الفوضى الخلاقة و خارطة التقسيم.. أصوات معارضة تكشف أخطر مرحلة يمر بها البلد
9 كانون الأول 20:04
المعلومة/ تقرير.. تعيش الساحة السورية اليوم على وقع توترات متسارعة وتحولات عميقة تنذر بتبدل جذري في مسار الأزمة الممتدة منذ أكثر من عقد. فوسط غليان شعبي غير مسبوق، وتزايد الحديث عن انقسامات طائفية تتسع يوماً بعد آخر، تتصاعد تحذيرات شخصيات سياسية وخبراء دوليين من مستقبل “غامض وخطير” ينتظر البلاد، في ظل سياسات أبو محمد الجولاني الذي يصفه معارضون بأنه “سلطة أمر واقع” تدير البلاد بعقلية الفوضى وردود الأفعال، بعيداً عن أي إطار مؤسساتي. مناطق عدة تشهد حالة احتقان تترافق مع إضرابات شعبية، وارتفاع وتيرة الاعتقالات، وتراجع واضح في القيم المدنية والمؤسساتية، ما جعل سوريا “ساحة مفتوحة لتقاسم النفوذ الإقليمي والدولي” مع تراجع الدور الوطني لمؤسسات الدولة وتقدم نفوذ المجموعات العسكرية.
عضو الكتلة الوطنية السورية، طارق الأحمد، أكد في حديثه لـ/المعلومة/ أن البلاد “تمر بمرحلة غليان شامل قد ينفجر في أي لحظة”، مشيراً إلى أن الشحن الطائفي بلغ مستويات غير مسبوقة بفعل “التغذية المتعمدة” التي تمارسها جهات نافذة داخل النظام القائم.
وأوضح الأحمد أن سياسات الجولاني “عمّقت الانقسام السوري ودفعت البلاد إلى إدارة عسكرية فوضوية قائمة على ما يعرف بـ(الفزعات) الأمنية”، مشيراً إلى أن زج موظفي وزارة العدل في السجون مؤخراً يعكس “انحداراً خطيراً في مستوى الحريات العامة، وتوسّعاً واضحاً في قمع الأصوات المعارضة”.
ودعا الأحمد الدول العربية إلى الاستماع لصوت المكونات والأقليات السورية التي “تتعرض لانتهاكات ومجازر ممنهجة”، مشدداً على أن السوريين باتوا يتمسكون بحلم الدولة المدنية الديمقراطية كخيار أخير للنجاة من دوامة الحكم الطائفي.
الخبيرة الدولية في شؤون الشرق الأوسط، سماهر الخطيب، قدّمت بدورها صورة أكثر قتامة عن المشهد السوري، مؤكدة لـ/المعلومة/ أن ما يجري اليوم هو “تهيئة موضوعية لخارطة تقسيم جديدة تُرسم بأيدٍ إسرائيلية”، وأن البلاد تحولت إلى “مربعات نفوذ” تتقاسمها قوى خارجية بسبب غياب الدولة المركزية.
وقالت الخطيب إن الجولاني “ليس سوى سلطة أمر واقع لا تمتلك شرعية داخلية”، مشيرة إلى أن الدعم الخارجي مكّنه من تثبيت نفوذه رغم فشله في ضبط الملف الأمني، وتورّطه في اعتقالات واسعة طالت أكثر من 8 آلاف عسكري سابق.
وحذرت الخطيب من أن استمرار الإضرابات والاحتجاجات “نتاج مباشر لسياسات قمعية”، وإن البلاد تتجه نحو “مزيد من التفكك ما لم يُفتح مسار سياسي يحدّ من الانتهاكات ويعيد اللحمة الوطنية”.
تشير الوقائع الميدانية والسياسية التي رصدتها /المعلومة/ إلى أن سوريا تدخل واحدة من أخطر مراحل الصراع منذ بدايته. فالمؤشرات على الأرض ـ من توسع الاعتقالات، وتصاعد التجييش الطائفي، وتراجع سلطة المؤسسات، وتنامي دور السلاح على حساب القانون ـ كلها تعزز مخاوف من مرحلة تتجه نحو إعادة رسم الخرائط بدل إعادة بناء الدولة.
وبينما يتحدث المعارضون عن “سلطة طارئة” تدير البلاد بأسلوب يومي يفتقد للرؤية، يزداد القلق الشعبي من تمدد الفوضى وتحولها إلى “واقع دائم”، ما يجعل البلاد أمام مفترق طرق حاسم.
يتفق الخبراء والمعارضون على أن سوريا تقف اليوم على حافة منعطف مفصلي، بين الانزلاق نحو صراع طائفي مفتوح يعيد البلاد إلى نقطة الصفر، أو الاتجاه نحو حوار وطني شامل يعيد رسم مستقبل الدولة على أسس المواطنة والشراكة. ومع غياب أي مؤشرات على انفراج قريب، يبقى السوريون عالقين بين فوضى مسلحة تزداد تعقيداً، وخارطة تقسيم تتشكل بصمت، فيما ينتظر البلد لحظة مفصلية قد تحدد مصيره لعقود قادمة.انتهى25د
