إدارة أميركية–صهيونية تعيد رسم خرائط المنطقة.. واليمن ساحة الاختبار الأخطر

المعلومة/ تقرير..
في ظل مشهد إقليمي يغلي بالتحولات السياسية والعسكرية، تتكاثر المؤشرات على وجود تحركات خارجية ترسم مسارات الأحداث وتعيد صياغة ميزان القوى في الشرق الأوسط. ومن اليمن إلى الخليج، تتصاعد وتيرة التدخلات التي تصفها عدة أطراف بأنها جزء من مشروع أوسع يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة بما يتسق مع الرؤية الأميركية–الإسرائيلية لما يسمى “الشرق الأوسط الجديد”. وبين عمليات تموضع عسكري وتفاهمات سياسية غامضة، تجد عدد من الدول العربية نفسها في قلب معادلات تُدار من خلف الكواليس، فيما تدفع الشعوب ثمن صراع النفوذ الدائر على الممرات البحرية والثروات الحيوية.

الدبلوماسي الإيراني السابق هادي أفقهي أكد، في تصريح لـ/المعلومة/، أن “المشهد الإقليمي برمته يجري ضمن إدارة صهيو–أميركية تسعى لفرض ترتيبات جديدة تتماهى مع مشروع الشرق الأوسط الجديد”، مشيراً إلى أن التحركات الأمنية والسياسية في الأسابيع الأخيرة “تعكس تنسيقاً واضحاً بين واشنطن وتل أبيب”.

وأضاف أن “الإمارات باتت مطبعة مع الاحتلال حتى العظم، وتمارس دوراً يتجاوز التطبيع التقليدي من خلال المشاركة في تنفيذ السياسات العدوانية للكيان الصهيوني داخل المنطقة”. ولفت إلى أن دور أبوظبي لم يعد سياسياً فقط، بل توسع ليشمل ملفات اقتصادية وأمنية حساسة، ما يجعلها إحدى أهم أدوات المشروع الجاري تنفيذه.

وأوضح أفقهي أن “المجلس الانتقالي في اليمن يتحرك بإيعاز مباشر من الولايات المتحدة والسعودية، ونشاطه يصب في مسعى خارجي لإبقاء اليمن في حالة توتر دائم يحقق أهدافاً تتعلق بالسيطرة على الممرات البحرية ومصادر الطاقة”، مؤكداً أن واشنطن تعمل بقوة على ترسيخ “المعاهدة الإبراهيمية” كإطار يعاد من خلاله تشكيل المنطقة وإدماج الأنظمة العربية تدريجياً في منظومة التعاون مع الكيان المحتل.

• 

وبموازاة ذلك، يرى الخبير الدولي فراس فرحات أن ما يحدث في اليمن “ليس بريئاً ولا عفوياً”، بل هو “تحركات مفتعلة ومدفوعة من قبل الإمارات والسعودية بدعم مباشر من الولايات المتحدة”. وقال في تصريح لـ/المعلومة/، إن “هناك قوى إقليمية ودولية تبحث عن موطئ قدم في الموانئ والجزر والممرات الحيوية، ولا تأبه بأخطار تقسيم اليمن”.

وأشار فرحات إلى أن “الحصار المفروض على اليمن بات واضحاً سواء في حركة التجارة أو المجالين الجوي والبحري”، مبيناً أن القيود المفروضة تندرج ضمن سياسة ضغط متواصلة تهدف إلى إخضاع القرار اليمني وإعادة توجيهه بما يخدم الأطراف المتدخلة. وأضاف أن “الولايات المتحدة تتلاعب بعدد من الدول العربية وتستخدمها كأدوات لتنفيذ سياستها الإقليمية، في إطار مشروع أميركي–صهيوني يستهدف تمزيق دول المنطقة وتحويلها إلى كيانات ضعيفة يسهل التحكم بها”.

وأكد فرحات أن “السعودية والإمارات تتحركان كأدوات بيد واشنطن للبحث عن ممرات حيوية في البحر الأحمر وبحر العرب، تحقيقاً لمكاسب جيوسياسية مرتبطة بخطوط التجارة والطاقة”، محذراً من أن استمرار هذه التدخلات سيجعل الأزمة اليمنية أكثر تعقيداً ويحول البلاد إلى ساحة صراع إقليمي مفتوح.

ومع اتساع رقعة التدخلات الخارجية وتعقد المشهد اليمني والإقليمي، تتزايد التحذيرات من مخطط يعيد رسم حدود النفوذ في المنطقة ويحول عدداً من الدول إلى ساحات صراع تخدم مشاريع التجزئة والتقسيم. وبين تحذيرات الخبراء ودعواتهم إلى موقف عربي موحد، يبقى مستقبل المنطقة معلقاً على قدرة شعوبها وقواها الوطنية في مواجهة محاولات تفتيت الهوية والسيادة وفرض ترتيبات لا تخدم إلا القوى المتدخلة من الخارج. انتهى25د