تفاهمات غامضة ورسائل أمنية… سوريا أمام مرحلة توتر جديدة
المعلومة/ تقرير…
تشهد الساحة السورية تصعيداً أمنياً متدرجاً يترافق مع مؤشرات سياسية وعسكرية مقلقة، تعيد إلى الواجهة ملف الجماعات الإرهابية والدور الأميركي في إدارة المشهد الميداني. فالهجمات الأخيرة، ولا سيما تلك التي استهدفت القوات الأميركية في مدينة تدمر، إلى جانب عودة نشاط تنظيم داعش في مناطق البادية، فتحت باب التساؤلات حول طبيعة ما يجري خلف الكواليس، وحول ما إذا كانت هذه التطورات جزءاً من ترتيبات أوسع تهدف إلى إعادة رسم خرائط النفوذ وإبقاء حالة عدم الاستقرار قائمة.
في هذا السياق، حذر المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية ميخائيل ماهر من تطورات وصفها بـ”الخطيرة”، مؤكداً وجود تفاهمات غير معلنة بين واشنطن ونظام “الجولاني” تقضي بالإبقاء على جيوب إرهابية داخل الأراضي السورية، بذريعة اتقاء شرها أو توظيفها مرحلياً ضمن صراعات إقليمية ودولية.
وأوضح ماهر في تصريح لوكالة /المعلومة/ أن هذه الجماعات تؤدي دوراً وظيفياً في المنطقة بدعم أميركي مباشر أو غير مباشر، على أن يتم لاحقاً التخلي عنها أو تصفيتها عندما تنتفي الحاجة إليها، مشيراً إلى أن نظام “الجولاني” يعمل تحت مظلة حماية دولية، ما يمنحه القدرة على توفير غطاء أمني وسياسي لهذه التنظيمات ومنحها هامش حركة أوسع.
ولفت إلى أن مشاريع تقسيم سوريا ليست وليدة اللحظة، بل طُرحت منذ خمسينيات القرن الماضي، إلا أن ما يجري اليوم يمثل تطبيقاً عملياً لها على الأرض، عبر تفكيك الجغرافيا وإضعاف مؤسسات الدولة، محذراً من أن المرحلة المقبلة ستشهد توترات خطيرة لن تمر من دون تداعيات داخلية وإقليمية.
-
تفاهمات غامضة ورسائل أمنية… سوريا أمام مرحلة توتر جديدة
بالتوازي مع ذلك، اعتبر المحلل السياسي طارق عجيب أن الهجوم الذي استهدف القوات الأميركية في مدينة تدمر يُعد حادثة “مستغربة” من حيث التوقيت والمكان، مرجحاً أن يحمل أبعاداً أكبر من كونه عملاً أمنياً معزولاً. وأكد أن الاعتداء يمنح واشنطن ذرائع جاهزة لتوسيع تحركاتها العسكرية والأمنية داخل سوريا، تحت عناوين متعددة.
وأشار عجيب إلى أن ظهور تنظيم داعش في مناطق تدمر والبادية في هذا التوقيت تحديداً يثير علامات استفهام كبيرة، خاصة في ظل عجز إدارة دمشق الجديدة عن بسط سيطرتها الأمنية على كامل الجغرافيا السورية، وسط حالة ضبابية شديدة وغياب رؤية واضحة لمعالجة الخروقات المتكررة.
وبين أن تحركات داعش في البادية لا يمكن فصلها عن الدعم الأميركي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، موضحاً أن الهجوم على القوات الأميركية يحمل رسائل متعددة الاتجاهات، موجهة لواشنطن من جهة، وللأطراف الإقليمية الفاعلة في الملف السوري من جهة أخرى، بالتزامن مع حديث متزايد عن توسع القواعد العسكرية الأميركية باتجاه شمال شرق سوريا.
في ظل هذه المعطيات، تبدو سوريا مقبلة على مرحلة أكثر تعقيداً، حيث تتقاطع التفاهمات الدولية مع التحركات الإرهابية والرسائل الأمنية الغامضة. ومع استمرار توظيف الجماعات المتطرفة كورقة ضغط، تبقى مخاوف اتساع رقعة التوتر قائمة، بما قد ينعكس ليس فقط على الداخل السوري، بل على أمن واستقرار المنطقة بأسرها.انتهى25د