الخطاب القومي يشعل التوتر في كركوك.. تحذيرات من تهديد السلم الأهلي

المعلومة/ تقرير..
في مدينةٍ عُرفت تاريخياً بتنوعها القومي والديني، تعود كركوك لتقف عند مفترق حساس، مع تصاعد خطابات قومية متشنجة وممارسات استفزازية أعادت إلى الواجهة مخاوف حقيقية بشأن مستقبل التعايش والسلم المجتمعي فيها. فالمحافظة التي لطالما شكلت نموذجاً للتعدد والاندماج الاجتماعي، باتت اليوم عرضة لتجاذبات سياسية تحاول توظيف الرموز والهويات القومية في صراع النفوذ، بعيداً عن روح الدستور ومفهوم المواطنة الجامعة.

وخلال الأيام الماضية، أثارت ممارسات رفع الأعلام غير الرسمية وتكثيف الخطاب التحريضي قلق الأوساط السياسية والمجتمعية، وسط تحذيرات من أن استمرار هذا النهج قد يفتح الباب أمام توترات أمنية واجتماعية لا تُحمد عقباها، في واحدة من أكثر المحافظات حساسية على مستوى التوازن الوطني.

وفي هذا السياق، حذر السياسي سعدون السلطان من تصاعد الخطاب القومي والعنصري في كركوك، مؤكداً أن بعض السلوكيات السياسية تمثل خطراً حقيقياً على التعايش والسلم الأهلي في المحافظة المتنوعة. 
وقال السلطان في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن “الجيل الكردي الحالي نشأ على مفاهيم إقصائية وعنصرية، ويعتبر العلم العراقي لا يمثله، وهو ما يعكس فشلاً سياسياً وتربوياً تتحمل مسؤوليته بعض الأحزاب المتنفذة في الإقليم”.

وأضاف أن “على الحزب الديمقراطي الكردستاني أن يعي خطورة هذه السلوكيات، لاسيما في كركوك، حيث تؤدي الممارسات العنصرية المتكررة إلى خلق حالة من القلق والتوتر لدى المواطنين، وتهدد استقرار المحافظة”، مشدداً على أن كركوك مدينة عراقية متعددة المكونات، وأن أي محاولات لفرض هوية أحادية أو سلوكيات استفزازية تضرب أسس التعايش التاريخي بين أبنائها. وأشاد السلطان في الوقت ذاته بالدور المهني للقوات الأمنية في احتواء التوترات ومنع انزلاق الأوضاع نحو الفوضى.

ودعا السلطان إلى تشريع قوانين صارمة تجرّم الخطابات العنصرية والطائفية وتحاسب السياسيين الذين يعملون على شحن الشارع، مؤكداً أن إدارة البلاد لا يمكن أن تُبنى على التأجيج القومي، بل على احترام الدستور وترسيخ مفهوم المواطنة.

• 

من جانبه، أكد الباحث في الشأن السياسي يونس الشيخ عاصي أن رفع العلم الكردي في محافظة كركوك يُعد مخالفة صريحة للدستور والقوانين النافذة، محذراً من تداعياته السلبية على حالة التعايش والسلم المجتمعي. وقال عاصي في تصريح لوكالة /المعلومة/ إن “العلم العراقي هو الرمز السيادي الذي يمثل جميع المكونات العراقية دون استثناء، ورفع أي علم آخر داخل كركوك يُعد تصرفاً استفزازياً ومرفوضاً قانونياً ووطنياً”.

وأضاف أن هناك محاولات متعمدة لاستفزاز الشارع وخلق فتنة داخل محافظة عُرفت بتعايشها السلمي والمتجذر بين العرب والكرد والتركمان، مشيراً إلى أن كركوك لم تشهد عبر عقود صراعات بين مكوناتها، رغم محاولات بعض الجهات جرّها إلى أزمات مصطنعة.

وأشار عاصي إلى تكرار حوادث إنزال العلم العراقي في بعض مناطق الإقليم، معتبراً ذلك سلوكاً خطيراً يتطلب موقفاً حازماً من الجهات الرسمية لمنع تكراره ومحاسبة المتسببين به، مؤكداً أن أي إساءة للعلم العراقي تُعد إساءة للوحدة الوطنية وللدولة العراقية.

وتبقى كركوك، بكل ما تمثله من رمزية وطنية وتنوع اجتماعي، اختباراً حقيقياً لمدى التزام القوى السياسية بخيار الدولة والمواطنة، بعيداً عن حسابات الاستقطاب القومي والمصالح الحزبية الضيقة. فالحفاظ على استقرار المحافظة لا يتحقق إلا عبر احترام الدستور والرموز السيادية، وتجنيبها صراعات الهوية، وترسيخ خطاب وطني جامع يصون تاريخ التعايش ويمنع انزلاق المدينة نحو أزمات تهدد حاضرها ومستقبلها. انتهى25د